قد نصاب جميعنا بالقُرْف عندما نتحدث عن موضوع البول والغائط، ولكن هل نعتقد أنه من قبيل الصدفة أن يُطلَب منك عيِّنة من البول أو البراز عندما يريد الطبيب الكشف عن بعض الأمراض التي تعانيها ؟
في دراسة لنيل درجة الماجستير بعنوان (الوقاية الصحية في السنة النبوية) ذكر الباحث الجزائري العيد بلالي هذه الحكاية. إنه في عام 1963 انتشر مرض التيفوئيد في مدينة داندي بإنجلترا بشكل عاصف وأصيب السكان بالذعر الشديد وبذل الجميع طاقاتهم لوقف انتشار المرض، وفي النهاية اتفق العلماء على إذاعة تحذير في مختلف وسائل الإعلام يحثون الناس بعدم استعمال الأوراق في دورات المياه واستبدالها باستخدام المياه مباشرة في النظافة، وذلك لوقْف انتشار العدوى. وبالفعل استجاب المخاطَبون. وللعجب الشديد توقف انتشار الوباء فعلياً وتمت محاصرته واكتسب الناس عادة جديدة عليهم، وبعد معرفتها أصبحوا يستخدمون المياه في التنظيف من الاستنجاء بدلاً من المناديل الورقية. فماذا يقول هؤلاء لو علموا أن المسلمين يفعلون هذا منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة؟
وبمسح سريع للأحاديث النبوية الشريفة نجد أن جزءًا منها يتحدث عن الطهارة، وخاصة فيما يتعلق بالاستنجاء من البول والغائط، فالإسلام واضح وصريح في استعمال الماء في ممارسة هذا الفعل، فلماذا؟
التركيب الكيميائي للبول
يُعتبَر البول من النفايات السائلة التي يتم تصفيتها في الكليتين من أجل تنقية الدم وجسم الكائن الحي من هذه المخلفات الكيميائية المختلفة، وهو سائل شفاف له لون كهرماني عادة، ويتراوح متوسط كمية البول التي يفرزها الإنسان خلال 24 ساعة بين 5 إلى 8 أكواب.
ومن الناحية الكيميائية، فإن البول محلول مائي يتكون في المقام الأول من الماء (تتراوح نسبة الماء من 91% إلى 95%)، بالإضافة إلى بعض المذيبات العضوية بما في ذلك مادتي اليوريا، والكرياتينين، وكميات أخرى من الأحماض مثل حمض اليوريك والذي يُعرَف بحمض البول (Uric Acid)، وكميات ضئيلة من الإنزيمات والكربوهيدرات، والهرمونات، والأحماض الدهنية، والأصباغ، وما إلى ذلك. ويتراوح الأس الهيدروجيني للبول من (4.6 إلى 7) وهذا يعني أن البول مادة حمضية، وهذا يعني ببساطة أنه ذو أضرار كبيرة إذا ما بقيت تلك المخلفات في الجسم. ولقد وجدنا أن بول الرجل من الناحية الكيميائية يختلف عن بول المرأة وعن بول الطفل وما إلى ذلك، إلا أن هذا ليس بموضوعنا اليوم في هذا المقال.
والبول – بصورة عامة – سائل غير معقم، ولا حتى لو وُجِد في المثانة، فقد وجدت بعض الدراسات التي أجريت بتقنيات تحليلية أن البول كان معقمًا حتى وصل إلى مجرى البول والمثانة، وبعد ذلك يتم استعماره بالخلايا الظهارية المبطِّنة للإحليل بواسطة بكتيريا العصب اللاهوائي سالبة الجرام (وهي البكتيريا التي لاتحتفظ بصبغة الكريستال البنفسجي) وبكتيريا المكوَّرات.
ولقد أعلن فريقٌ بحثي مُكوّن مِنْ حوالي عشرين باحثًا من جامعة (ألبرتا) بكندا عن الانتهاءِ من الدراسة التي استغرقت أكثر من سبعة أعوام في تحديد التركيبات الكيميائية المتواجدة في البول لدى الإنسان. وكشفت الدراسة عن تواجُد ما لا يقل عن 3079 مُركّباً في البول، 72 تقريباً منها تُصنَّع من البكتيريا، و1453 من الجسم نفسه، و2282 أخرى مصدرها الغذاء، الأدوية، أو الآثار البيئية (عدّة مُركّبات تنتمي لأكثر من مجموعة).
ويقول الباحث دافيد ويشارت أستاذ الأحياء وعلم الإحصاء بجامعة ألبرتا: "البول سائل حيوي مُعقّد بشكلٍ لا يُصدّق. لم تكن لدينا أدنى فكرة عن أن كل هذه المُركبات المختلفة تذهب إلى مراحيضنا".
فالبول مقارنةً بسوائل الجسم الأخرى مثل اللُعاب أو السائل الدّماغي الشوكي، يحتوي على حوالي 5 إلى 10 أضعاف أكثر من المركبات. والمركبات الموجودة بالبول تقع تحت 230 صنفاً كيميائياً مختلفاً، أخذًا في الاعتبار وجود 356 صنفاً كيميائياً أيض بشري. وهذا يؤكّد بوضوح التنوُّع الكيميائي الضخم في البول. ولقد كشف البحث أيضًا عن وجود 480 مُركّباً غير متواجدة في الدم، وهو ما يناقض الفكرة السائدة عن أنّ مجموع المركبات الموجودة في البول ما هي إلا جزء مما يوجد في الدم.
أضرار بقاء بقايا البول على الجلد
يستغرب الكثير من غير المسلمين ويتساءلون: لماذا يجب أن يستنجي الإنسان عندما يتبول؟
من الملاحظ كما ذكرنا – عندما تحدثنا عن التركيب الكيميائي للبول – أنه مادة حمضية، فهذا يعني أنه إذا ما تعرّضت البشرة للبول – كما أشارت بعض الدراسات التي رجعنا إليها – فإن ذلك يتسبب في التهاب الجلد، والإصابة بعدوى الخمائر (Yeast infection) وفي بعض الأحيان أيضًا بقرحة الفراش (Bedsores).
فإذا ما تعرّض الجلد بصورة مستمرة للرطوبة الناتجة من البول من غير أن تُغَسَّل أعضاء البول الخارجية فإن البشرة قد تفقد الطبقة الحامية الخارجية للجلد بسبب حموضة البول، وهذا ما سيؤدي إلى الحكِّ والهرْش والحَرَقان واحمرار المناطق التي حول الأعضاء والفخذ وثنيِّات الجلد، وبالتالي فإنه عند تعَرُّضِها للبول مرة أخرى وإهمال غسْلِها المستمر ستتعرض أيضًا للبكتيريا المصاحبة له وتسبب التهابات في الجلد. ومن الجدير بالذكر إن بقايا البول لا يمكن التخلص منها إلا بالماء، وهذه من تعاليم الإسلام وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
التركيب الكيميائي للغائط
ربما يمكننا القول إنه على الرغم من حديثنا عن البول، إلا أنه أقل ضررًا من الغائط، فالغائط يتكون من حوالي 75% سوائل و25% مواد صلبة، وتشمل نسبة 30% من المواد الصلبة بكتيريا قادمة من الميكروبات المعوية، في حين إن الـ15% الأخرى تشكل مواد غير عضوية مثل الكالسيوم والفوسفات، والتي يمكن تنظيفها وفصلها فيما بعد، والاستفادة منها كمواد أساسية للسماد العضوي وما إلى ذلك، هذا بالإضافة إلى الماء والخلايا الميتة من الأمعاء وبقايا طعام غير مهضوم، وإفرازات ومخاط وما إلى ذلك.
كل هذه الفضلات يتخلص منها الكائن الحي لأن بقاءها داخل الجسم يسبب العديد من الأضرار الصحية، وربما من أكثرها أن هذه البقايا تتحلل وتنتج غازات والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى إحداث الإصابة بالعديد من الأمراض الفسيولوجية للجسم.
أضرار تخَلُّف بقايا البول على الجلد
وبوضوح تام فإن مادة الغائط هي بقايا مواد غذائية قابلة للتحلل بواسطة البكتيريا والخمائر وبعض الكائنات الدقيقة الأخرى، نتخلص منها عبر شبكة الصرف الصحي إلى مناطق بعيدة عن المناطق السكنية للبشر، وهذه الكائنات هي نفسها تقوم بتحليل الجلد وتسبب هيجان المنطقة فتسبب حكة واحمراراً ومشاكل صحية خاصة بالجلد، لذلك فإن بقايا هذه المخلَّفات وبالتالي الكائنات الدقيقة التي تعيش فيها ستتسبب حتماً في إحداث العديد من الأمراض الجلدية، لذلك ينبغي إزالتها، ولا يمكن إزالتها بصورة تامة ونظيفة إلا بالماء، فلا مَحارم ورق ولا غير ذلك يمكنها أن تزيلها.
عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...
نستشعر من الأحاديث النبوية الشريفة تشدُّد النبي صلى الله عليه وسلم وتجريمه وإنكاره بذكر اللعن من الله في موضوع تشبُّه الرجال بالنساء وبالعكس ، كما نلمس حرصه صلى الله عليه وسلم على محاربة بوادر هذا الأمر لما قد يفضي إليه في عدد من الأحاديث النبوية الش...
تناولنا بالشرح في العدد الماضي الأهمية العلمية والصحية للوضوء بصورة عامة، ثم عرّجنا إلى موضوع الأهمية العلمية والصحية من غسل الوجه، وكذلك الأهمية العلمية والصحية من غسل اليدين إلى المرفقين. ونعلم أن الوضوء لم يكتمل بعدُ عند هذه الخطوات، لذلك سنواصل ف...
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ"، وعندما فسر الإمام النووي معنى الطهور في كتابه (المجموع شرح المهذب) قال: "وأما الطهارة في اصطلاح الفقهاء فهي إزالة حدث أو نجَس أو ما في معناهما وعلى صورتهما"، وبن...
وجدت مجموعة من الدراسات أن الثِّقَل الميكروبي الذي يعيش في الأحوال الطبيعية بالفم متعدد الأنواع ومختلف الأشكال والأحجام، إلا أنه وُجِد أن فم الجنين وحتى الوليد في لحظاته الأولى قبل أن يتناول الطعام أو أن يشرب الحليب عادة ما يكون خالياً من البكتيريا، ...